ديوانية المحامي

المدونة

للـعقودُ التـِّجارية

البيئة القانونية للعقودُ التـِّجارية

التصنيف: مواضيع قانونية تعليقات: 0 0

تقوم أغلب العقود التجارية على الرضائيَّة دون الشكليَّة بمعنى أنها تنعقد بين الطرفين بمجرد التَّراضي بين الطرفيْن والتعبير عن إرادتيْن متطابقتيْن؛ نظرًا لأن تعامل التجار يقوم على الائتمان والثقة والسرعة، وأمام هذا نجد أن اصطلاح العقود التجارية ما زال يفتقر إلى التحديد والدقة؛ لأن هناك عقودًا مدنيَّة قد تكون عقودًا تجارية إذا اندرجت في إطار الأعمال التجارية.

وتخضع العقود التجارية لقواعد خاصة تطبق عليها، وتميزها عن العقود المدنيَّة، منها ما يتَّصل بالإثبات، ومنها قواعد موضوعيَّة خاصة بإبرام العقود التِّجارية وتنفيذها.

امثلة على العقود التجارية:

  1. عقدُ الوكالة بالعمولةِ 
  2. عقدُ السَّمسرة
  3. عقدَ الرَّهن التِّجاري

عـقـــــدُ الوكـــالــةِ بالعـمـولةِ

الوكالة بالعمولة هي صورة من صور الوساطة التجارية، قائمة على خصوصيَّة وميزة تواكب تطور الحياة الاقتصاديَّة، وتحقق تصورات المشاريع الكبرى؛ لكونها تعد الوسيلة المناسبة لتداول السلع خارج النطاق الكافي للمنتج. وقد تُعتبر هذه العقود أحد شرايين العمل التِّجاري في ظل التوسع غير المسبوق للشركات وشبكات التوزيع.

ومن الملاحظ أن هذا النوع من العقود محصور على إجراء المفاوضات، والحث على إبرام الصفقات لمصلحة الموكل أي الشركة، وبعبارة أخرى فالوكيل بالعمولة من خلال هذا التعريف ما هو إلا وسيط ما بين الموكل والعميل أي أنه يقوم بعمليَّة البحث عن العملاء لإبرام العقود معهم لمصلحة الموكل، ومن هذا المنطلق يبرز الفارق بين الوكالة بالعمولة والوكالة العاديَّة، فالوكيل بالعمولة يتعاقد مع الغير باسمه الشخصي، فيكون ملزمًا دون غيره تجاه من يتعاقد معه، وهو ملزم دون غيره تجاه الموكل، أما الوكيل العادي فهو يقوم بالتعاقد مع الغير باسم موكلِّه مما يصرف كافة الحقوق والالتزامات الناشئة من العقد الذي أبرمه الوكيل إلى الموكل، فالوكيل بالعمولة قد يكون وكيلًا عاديًّا إذا تعاقد باسم موكله، مما تغلب عليه الطابع المدني، وتطبق عليه قواعد القانون المدني، وهذا يفقده الامتيازات المقررة للوكيل بالعمولة، بأنه لا يتعرض لمخاطر ولا يتحمل التزامات نتيجة تعاقده باسم الموكل.

عــقــدُ الـسّـمـسـرةِ

يُعتبر عقد السمسرة من العقود التجارية على أساس نظريَّة المقاولة أو النّظريَّة الشخصيَّة شأنها بذلك شأن النشاط البنكي، ولهذا العقد أهميَّة خاصة بالحياة التجارية فهو يعدُّ أنموذجًا من عقود التوسط التجاري لتقريب وجهات النظر بين الأشخاص المتعاقدين، ولهذا يعد عقدًا تمهيديًّا لعقد أصلي يكون دور السمسار فيه محصورًا  بتقريب وجهات النظر وتوافق إرادات الأطراف. 

وبهذا تشكل السَّمسرة صورة من صور المقاولة التِّجارية التي وردت ضمن المادة (2/ج) من نظام المحكمة التِّجارية، والتي تنص “يعتبر عملًا تجاريًّا كل ما يتعلق بالدلالة والسَّمسرة”. وينحصر عمل السمسار بالتوسط بين طرفي العقد عن طريق تقريب وجهات النظر بينهما خلافًا لما هو عليه الحال بالنسبة للوكالة بالعمولة الذي فيها يتعاقد الوكيل باسمه الشخصي.

و يقوم السمسار بأعماله وفق العقد دون تبعيَّة أو لحساب أي شخص؛ فعمله مستقل ولا يتلقى التوجيهات أو التعليمات من أي شخص.

ومن الالتزامات التي تقع على السمسار:

  • تقديم النصيحة بأمانة وإخلاص لكلا الطرفيْن، فإذا كان موضوع السمسرة صفقة من البضائع، فالأصل أن يطلع الطرف الآخر المشتري على ظروف الصفقة ومواصفات البضاعة بدقة وأمانة، وذلك حسبما توفرت لديه من معلومات تتعلق بالصفقة، وإذا كان الإلزام بالنصيحة يكون تجاه الطرفيْن فإن الأصل به ألا يكون مفوضًا إلا من أحدهما، إلا أن الأمانة بأداء واجبه تحتم عليه بأن يقوم بالتزامه تجاه الطرفين. 
  • لا يجوز للسمسار أن ينيب غيره إذ يلتزم بالقيام بالعمل بنفسه ودون أن ينيب غيره بذلك، وفي حالة خلاف ذلك كإسناد مهامه إلى غيره يعد مسؤولًا أمام الطرف الذي فوضه للمهمة، ما لم يكن قد رخص له ذلك. 
  • الالتزام بالمحافظة على المستندات والأشياء، إذ يلتزم بحفظ كافة الوثائق والمستندات التي يتسلمها من طرفي العقد الأصلي، ويعطي لكل منهما صورًا مصدقة عنها، وتكون هذه الوثائق والمستندات المحفوظة لديه على سبيل الوديعة فيلتزم بردها بعد انتهاء الصفقة أو إتمامها، كما يقع على السمسار في هذا الإطار تسجيل كافة المعلومات المتعلقة بالصفقة، والتي تعقد بواسطته وأن يحفظ وثائقها المختصة، وهذا القول لا يعني بأن السمسار ملزم بمسك الدفاتر التجارية دائمًا، وأشرنا إليه لغايات توثيقيَّة فقط.
  •  يلتزم السمسار بعدم التعاقد مع نفسه، فلا يجوز له أن يتعاقد مع نفسه في شأن العقد الذي يتوسط في إبرامه؛ خشية من تعارض المصالح مع بعضها البعض (مصلحته مع مصلحة العميل) إلا إذا أجازها العميل نفسه، ولا تفوتنا الإشارة بهذا الإطار إلى أن السمسار لا يتحمل مسؤوليَّة تنفيذ العقد الذي توسط بإبرامه، وإنما يسعى إلى تيسير وتوافق الأطراف فيما بينهم، وبهذا لو حال سبب ما أدى إلى عدم إتمام العقد بين الطرفين، وكان السبب المذكور لا يتعلق بالسمسار، فلا شأن له بذلك، ولا يسأل عن عواقبه، كما لا يسأل عن العراقيل التي اعترضت إتمام العقد بعد ذلك.

عقد الرهنُ التِّجاري

لا يتحقق عقد الرهن إلا بتحقق الأركان الآتية، وهي:

أولًا – الرضــا: يُشترَط لعقد الرهن التِّجاري ما يُشترَط لعقد الرهن المدني أو غيره من العقود، فلكي ينعقد هذا العقد لا بدَّ من توافق الإرادتيْن على الإنشاء، إرادة الدائن والمدين الراهن، ويكون الراهن في كثير من الأحيان هو نفسه المدين، ولكن لا يوجد ما يمنع أن يكون الراهن شخصًا آخر لرهن مال من أمواله، ضمانًا لوفاء دين الغير ويسمى هنا كفيلًا عينيًّا().

ويجب أن تتجه نيَّة المتعاقديْن (المرتهِن والراهن) إلى انعقاد العقد، ويشترط في التراضي أو الرضا أن يكون ناتجًا عن إرادة سليمة غير مشوبة بعيب من عيوب الرضا، كما يشترط في كلا الطرفين الدائن والمدين الأهليَّة. 

ثانيًا- المحلُّ: من المعلوم أن الرهن التجاري ينحصر نطاقه في معظم النُّظم التِّجارية في المنقول دون العقار؛ لأن أساسيَّة العمل التِّجاري قائمة على قاعدة محل الشراء بقصد البيع يكون منقولًا (). وقد أشار إلى ذلك نظام الرهن التجاري السعودي في المادة (1) عندما عرف الرهن “بأن الرهن التجاري هو الذي يتقرر على مال منقول لدين يعتبر تجاريًّا بالنسبة للمدين”. فالنظام التجاري هو قانون المنقولات؛ ولهذا ذهب الفقه في مصر إلى استبعاد العقارات من نطاق المعاملات التجارية، واعتبرها ضمن الأعمال المدنيَّة. 

ثالثًا – السببُ: يكمن سبب الرهن في الالتزام المضمون، فقد سبقت الإشارة إلى أن الرهن حق عيني تبعي ينشأ من أجل ضمان الوفاء بالالتزام الأصلي، وبمعنى آخر يشترط لقيام الرهن وجود التزامٍ أصليٍّ.

شـــارك

هل تبحث عن

مكتب محاماة ذو خبرة؟

فنحن ندعوك إلى زيارة منصتنا الإلكترونية